د. إسماعيل فطاني: كل همي أن يعم خير الإسلام العالم أجمع
الاختلاف بين المسلمين مرده عدم فهم الدين -
التقاه في مسقط : ســـــالم الحــسيني -
كل همي أن يعم الخير الذي جاء به ديننا الإسلامي الحنيف العالم أجمع.. بهذه العبارة استفتح الدكتور إسماعيل لطفي فطاني مدير جامعة فطاني بجنوب تايلاند ورئيس مشترك لمجلس التعاون بين الأديان في تايلاند عضو المجلس الأعلى لرابطة العالم الاسلامي هذا اللقاء معه إبان زيارته للسلطنة للمشاركة في ندوة تطور العلوم الفقهية التي أقيمت مؤخرا بالعاصمة مسقط.. وأكد فطاني أن كل ما يمت بصلة إلى الفرقة بين البشر هو من عمل الشيطان، وهو على النقيض تماما لما يدعو إليه ديننا الإسلامي الحنيف من الألفة والمحبة والوئام.. مؤكدا أن تقبّل الشعب التايلاند للدين الإسلامي تقبل ملحوظ، ونحن دائما نرفع بيننا وبين غير المسلمين شعار «الرحمة والسلام»، فديننا هو دين الرحمة والدين السلام، وأشار إلى أن الاختلافات في فروع العقيدة مردها عدم فهم الدين، ولا ينبغي أن يولّد ذلك فرقة بين المسلمين، مشيرا إلى أن جامعة فطاني يدرس بها المسلمون وغيرهم ويتعامل الجميع بكل احترام وتقدير طبقا لما يدعو إليه الدين الإسلامي الحنيف.. دين الرحمة والألفة والتسامح والوئام.. تفاصيل اكثر نقرأها في اللقاء التالي:
❁ كيف تنظرون إلى أهمية مثل هذه المؤتمرات الإسلامية التي تجمع علماء المسلمين من مشارق الأرض ومغاربها؟ وما هو أثرها على الوحدة الإسلامية؟
مثل هذه التجمعات هي في غاية الأهمية هي أنها تجمع بين أبناء الأمة الواحدة للتعارف والتشاور فيما يخصهم جميعا، وبالمناسبة فقد ألّفت كتابا عن الوحدة الإسلامية أسميته : «أمة واحدة، منهج حياة أهل السنة والجماعة» أصدرته باللغة المحلية ثم ترجم إلى اللغة التايلاندية ثم إلى اللاتينية ثم ترجم إلى اللغة العربية، وقد اقتبست ذلك العنوان من قول الله سبحانه: (وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ)، والحمد لله وفقت لذلك وأدعو الله أن يوحّد صفوف المسلمين بكل مذاهبهم ومناهجهم وأجناسهم ولغاتهم وأفكارهم، فكل من شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله هو من هذه الأمة التي ندعو إلى وحدتها وإلى وحدة كلمتها وصفها بإذن الله.
نبذ الفرقة والشقاق
وعن دور علماء الأمة في بث الوحدة ونبذ الفرقة والشقاق في البلاد الإسلامية؟
قال: العلماء عليهم واجب الدعوة إلى هذه الوحدة، ومثل هذه المؤتمرات التي تجمع بين علماء الأمة الإسلامية تقرب بين وجهات النظر، وتقرب بين الشعور الحسي بينهم قبل تقارب الأفكار، وتغير من بعض الأحكام التي ربما يصدرها الغير في حق الآخرين، ونحن نؤكد أن الاختلاف هو من الأمور الفطرية، وهذا الاختلاف ليس وليد اليوم بل هو منذ عهد الصحابة رضوان الله عليهم، ولكن لا يمنعهم من أن يكونوا أمة واحدة، فلا ينبغي أن يولد هذا الاختلاف فرقة بين المسلمين، فلا ينبغي أن تكون هذه الاختلافات مصدر خلاف، فالصحابة الكرام كانوا يختلفون ولكنهم كانوا متحابين، ولم يمنعهم ذلك من أن يكونوا أمة واحدة كما دعاهم إلى ذلك رب العز والجلال.
المسلمون في تايلاند
أما عن أوضاع المسلمين في تايلاند وكيف يمارسون شعائرهم الدينية؟
فيقول: المسلمون في تايلاند هم أقلية ، فحسب التعداد الرسمي للبلد نسبة المسلمين فيها لا تتجاوز 5% إلا أننا نعتقد أن النسبة الحقيقية هي أكثر من ذلك فهناك العديد ممن يدخل الإسلام ولله الحمد من هذا البلد بشكل يومي أو بشكل أسبوعي، مضيفا: أن فرصة الدعوة أيضا متاحة ليس فقط من أهل البلاد بل حتى من الزوار، فالقانون معنا يسمح لمن يأتي إلينا بإلقاء الخطب والمحاضرات وغيرها من أعمال الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى، مشيرا إلى أن جامعة فطاني التي أديرها والتي أنشئت قبل عشرين عاما قد تكون الوحيدة في تايلاند بهذا النمط الإسلامي، وتدرس بها العديد من العلوم الأخرى كالعلوم الشرعية والقانونية واللغوية ومختلف المواد العلمية والتكنولوجية وكثير من اللغات، وهي مرخصة من قبل الدولة كجامعة أهلية يدرس بها المسلمون، وآخرون من غير المسلمين أيضا يدرسون بها ويبدون ارتياحهم التام ويجدون كل الاحترام والتقدير من الجميع ولا ريب أن ديننا الإسلامي هو دين الرحمة والألفة والتسامح والوئام.
أما عن مدى تقبل الشعب التايلاندي للدعوة الإسلامية هناك؟
فقال: إن تقبل الشعب التايلاند للدين الإسلامي تقبل ملحوظ ولله الحمد والمنة، ونحن كشعب تايلاندي دائما نرفع بيننا وبين غير المسلمين شعار «الرحمة والسلام»، فديننا هو دين الرحمة والدين السلام.. (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين)، «فمن لا يرحم، لا يُرحم» كما ورد عن النبي الكريم، هذا هو منهجنا، مشيرا إلى انه قبل عشر سنوات تشكل في تايلاند مجلس التعاون بين الأديان وذلك بعد إقامة الندوة التي شارك فيها رموز من الأديان الستة الموجودة والمعترف بها في تايلاند، وقد اجمعوا بعد انتهاء تلك الندوة على أن ينشئوا مجلس تعاون بين الأديان في البلاد، والحمد اجمعوا على اختياري رئيسا لهذا المجلس، وما كنت أريد ذلك بحكم أننا كمسلمين نعتبر أقلية بالنسبة لبقية الديانات هناك، ولكنهم أصروا على ذلك إلا أنني اشترط على أن يكون واحد من الديانة البوذية معي كرئيس مشترك فقبلوا ذلك الشرط وقبلت تلك الرئاسة، وكان ذلك من عام 2009م وحتى اليوم أنا ارأس هذا المجلس ولدينا بعض الأنشطة الداخلية والخارجية، وقد قمنا ببعض الزيارات لبعض البلدان الأوروبية والعربية والآسيوية، وهذا ببركة هذا الدين، دين السلامة والسلام، الذي جاء رحمة للعالمين كافة، ولذلك فأنا كل همي أن انشر هذه البركة التي جاء بها هذا الدين إلى العالم اجمع، نسأل الله أن تدوم هذه النعمة وان يبارك هذه الجهود التي نبذلها من اجل نشر الرحمة للعالمين.
نشر الخير والسلام
❁ هل توجد في بلادكم ما تسمى بالجماعات المتطرفة، وإذا كانت موجودة ما هو منهجها، وكيف تولدت لديها فكرة الخروج عن المنهج الصحيح لهذا الدين الحنيف الذي يدعو إلى السلام والأمن والأمان؟
بحمد الله، لا يوجد في بلادنا مثل هذه الجماعات المتطرفة، بل نسمع من حيث التاريخ أن هناك جهادا مسلحا من قبل بعض المسلمين في الجنوب، وليس هناك الآن عمل ملحوظ في هذا المجال، مضيفا: أن بلادنا تضم 77 ولاية فينبغي علينا جميعا أن نعيش فيها بسلام وأمان وأن نحسن إلى الناس كافة وننشر الخير والبركة والسلام إلى الجميع، وبما أنني الآن مسؤول عن هذه الأديان فأقول: إن الواجب علينا نشر الرحمة والخير إلى جميع البشر، وفي كل أنحاء البلاد.
الدوافع متعددة
❁ ما هي دوافع تلك الجماعات في نظرك؟ هل عدم فهم الدين؟ أم أنها مدفوعة بدوافع سياسية معينة؟
في رأيي قد يكون الاثنان معا، فقد يكون هناك عدم فهم عميق لهذا الدين الحنيف، وقد تكون الظروف التي يعيشونها تجبرهم على انتهاج عمل منافي لهذا المنهج، أما الدافع الأكبر قد يكون هناك مخطط معين يتبعونها بدوافع سياسية من قبل بعض الجهات الأخرى.
كلمة أخيرة
علينا أن نعي أن كل ما يمت بصلة إلى الفرقة بين البشر هو من فهم الشيطان فهو الذي يسعى جاهدا لذلك السبيل وهو الذي يوسوس في صدور الناس ويفرق بين المرء وزوجه، وبين المرء وأخيه، فلذلك أوصي الناس وخاصة العلماء بأن يجتهدوا لإفهام الناس بذلك وان يؤلفوا الكتب التي تدعو إلى الوحدة والألفة والوئام، وتدريس ذلك الفهم العميق في المناهج الدراسية من الصفوف الأولى وحتى التعليم العالي، وأنا أؤكد أن الدعوة إلى الوحدة وتضمين ذلك في المناهج الدراسية هو فرض عين، ولا يختلف اثنان على ذلك فالحق سبحانه وتعالى يقول: (إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ).. لذلك علينا أن نتعلم ذلك الواجب وأن نعلمه أبناءنا منذ الصغر كما نعلمهم فروض الدين كالصلاة والزكاة والحج فهذا لا يقل أهمية ذلك.. مبين أن الشيطان عدو الإنسان منذ أن كان نطفة في رحم أمه يلازمه طوال حياته وحتى مماته، وهو يجري في الإنسان مجرى، معتبرا أن عدم الاهتمام بذلك يعد إهمالا منا فيما يتعلق بفقه الشيطان، وهذا دور علماء الأمة ودور الشعوب ودور الحكومات، وعلى وزارات التعليم إدخال هذه المادة في المناهج الدراسية منذ الصفوف الأولى وحتى التعليم الجامعي، ومثل هذه الدعوات توجد في القرآن الكريم في عشرات المواضع وكذلك في السنة النبوية الصحيحة على صاحبها أفضل الصلاة والسلام.
يذكر أن الدكتور إسماعيل فطاني له عدد من المؤلفات أبرزها: الإسلام دين السلام والإسراء والمعراج في ضوء الكتاب والسنة وأربعون نصيحة للأسرة المسلمة السعيدة والاستسقاء في الإسلام ودليل المؤمن في حالات الكوارث وغيرها من المؤلفات...